محمدعبدالعليم mohamedabdalalim

طالما توجد حياة.. تتولد المشكلات التى ينبغى علينا بذل الجهد فى محاولة حلها والتغلب عليها وتجاوزها ..لنصل الى مانصبو إليه من مجتمع خال من الإرث الطويل لعويل الضعفاء وانين المظلومين ..فما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط محمدعبدالعليم

الأربعاء، أغسطس 13، 2008

نقد أسطورة اللغة القبطية


نقد أسطورة اللغة القبطية
نقد أسطورة اللغة القبطية
حاتم محمد
6 - 8 - 2008
http://www.shareah.com/index.php/1311/
اللغة العامية التي نستخدمها في حياتنا اليومية، هي في الواقع أقرب إلى اللغة المصرية القديمة، والألفاظ العامية المصرية التي مازالت تستخدم إلى اليوم تعود إلى أصل مصري قديم، وقد بقيت بعض المفردات والتراكيب المصرية القديمة مستعملة في لغتنا العربية العامية، وبعضها شائع حتى الآن على ألسنة المسيحيين والمسلمين على السواء ودون أن ندري.

ما ذكرناه آنفـًا حقيقة يقرّ بها الكثير من الباحثين المسيحيين المتخصصين في مجال اللغة المصرية القديمة، ويأتي على رأسهم القس شنودة ماهر إسحاق الحاصل علي الدكتوراه من إحدى الجامعات الإنجليزية في أثر اللغة القبطية على العامية المصرية، وهي دراسة من سبعة أجزاء، والشماس الإكليريكي مجدي عياد صاحب قاموس اللغة القبطية (عربي ـ قبطي).

ويوافقهم على ذلك الكثير من الكُتَّاب المسيحيين أيضًا وإن كانوا من غير المتخصصين ومنهم صاحب كتاب «اللهجة العامية وجذورها المصرية» حيث يقول: "العامية المصرية ليست ابنة العربية الفصحى، ولم تتأثر بفاتحي الجزيرة إلا قليلاً، ومعظم ألفاظها سليلة ملكية تتصل مباشرة باللغة القبطية القديمة. وهي اللغة التي كان يتحدث بها قدماء المصريين". كذا يقول.. المقصد أنَّ تلك هي أراء الباحثين المسيحيين.

فهل بعد ذلك يحقُّ لصفيقٍ أن يفرض علينا جهله وغباءه مدعيًا أنَّ المسلمين قاموا بقطع ألسن المصريين وحرَّموا عليهم التكلم بلغتهم وفرضوا عليهم العربية؛ مما أدى لاندثار اللغة التي نطق بها المصريون القدماء!!، والتي تحدث بها المصريون مؤمنهم وكافرهم على مدار آلاف السنين واحتفظوا بها وسجلوا بها تاريخهم وحضارتهم!!.

إنَّ ما تقرره بديهة العقول أنه لا يمكن تحت أي ظرفٍ من الظروف أن يتخلى شعب بأسره عن لغته لا لتميزها ولا لفنونها وعلومها، ولكن لأنها اللغة التي يحلم بها في منامه والتي يحدث بها امرأته في بيته وفراشه، ويسب ويتشاجر بها، ويرسل بها النكات والقفشات؛ باختصار اللغة العفوية التي ينطلق بها اللسان؛ فالإنسان الصحيح يتنفس من أنفه لاشعوريًا، فهل يمكن قهره ليتنفس من فمه حتى تصبح تلك هى العادة والسجية؟!.مع العلم أن تعلم لغة جديدة أصعب من تغيير طريقة التنفس.

المصرية والعربية ذاتا أصول واحدة

إن كان هذا هو ما تقرره العقول السوية؛ فإنَّ الذي نختلف فيه مع ما تقدم من آراء الباحثين في اللغة المصرية القديمة وعلاقتها بالعامية، وهو ما لا يعرفه الكثيرون منا اليوم -وبخاصة المسلمين- هو أن ألفاظ اللغة المصرية القديمة وتراكيبها لا تبعد كثيرًا عن ألفاظ اللغة العربية الفصحى وتراكيبها، مما يعني أنهما تنتميان إلى لغة واحدة أصلاً، ومع ذلك فقد صبغ الشعب المصري الفصحى بصبغته؛ فاحتفظ بالكثير من لغته كسائر الشعوب التي دخلها الإسلام ومازالت محتفظة بلغتها المحلية.

وللتدليل على ذلك سنسلك مسلكين أحدهما عن تاريخ اللغات والثاني عمليًا وهو في بيان مدي تأثير المصرية في العربية وقربها منها من خلال استعرض التأثير الصوتي في كيفية نطق الأحرف، وإبدالها لأحرف أخرى طبقًا لما تقتضيه سهولة التلفظ بالكلمات، ثم نعرض للتراكيب مع بيان وجه التشابه والاختلاف بين اللغتين، ثم نذكر بعض الأمثلة للكلمات المشتركة والتي تستخدم نفس الاستخدام في الاثنين.

الأصول التاريخية للفصحى والمصرية

من المسلَّم به أن جميع أهل الأرض بعد الطوفان هم من ذرية نوح -عليه الصلاة والسلام- فإن كان ذلك كذلك فكم لغة كان يتحدث بها نوح عليه السلام مع أبنائه (سام وحام ويافث) وأحفاده؟.الذي يقرُّ به أهل الكتاب أنه كان يتكلم السريانية (نسبة إلى سورية وهي أرض الجزيرة التي كان بها نوح عليه السلام وقومه قبل الطوفان).
وهي اللغة التي كان الأبناء والأحفاد يتحاورون بها مع بعضهم البعض، والذي يعنينا من هؤلاء الأحفاد مصرايم بن حام أبو المصريين، وأرفخشذ بن سام جد عابر الذي هو بدوره أبو قحطان أبو العرب العاربة، وأيضًا (أعني عابر) هو الجد الأكبر لإبراهيم عليه السلام الذي هو جد للعرب المستعربة، وإبراهيم لفظة سريانية ومعناه بالعربية "أب راحم" والذي يقال له إبراهام (أب راهم) وإبرام ويقولون أنه كان يتكلم الأرامية، وهي لغة المسيح -عليه الصلاة والسلام- واللغة التي نزل بها الإنجيل.
والآن وقبل أن نكمل فلتقارن بين صوتيات هذه الكلمات (عابر وآراب وأرام وعرب). وبعد مقارنتنا هذه، هل يمكن القول أنَّ أرام هو آراب ( عرب) و(عبر) أيضًا عندما تتبدل مواضع الحروف، وهذا أيضًا جائز في اللغة ع ب ر ـ ع ر ب ـ ع ر م ( ارم ) كما ورد في مكة بكة. منطق قوي قد تمنعك الموانع من قبوله، ولكنك لا تستطيع رده بإطلاق.. لا بأس.

المقصد أن نوحًا -عليه السلام- كان يتحدث لغة واحدة مع أبنائه وأحفاده، وكذا كان الأبناء والأحفاد مع بعضهم البعض، ولا يوجد دليلٌ على خلاف ذلك؛ وأما ما يذكر من أن الله قد بلبل ألسنة البشر من أجل أن يفرق بينهم ويبددهم في الأرض؛ فليس هناك ما يدفعنا لتصديق أنَّ الرب -سبحانه سبحانه- بكل هذه القسوة والشدة على شعب مؤمن أنجاه توّاً من الهلاك بالطوفان وهم بين أظهرهم نبي مصطفى، ولم يذكر لهم سابقة معصية أو اعتداء ليفعل بهم ذلك، وفي نفس الوقت ينبغي أن نصدق أيضًا أن ذات الرب قد بلغت رحمته ومحبته للعالم من العصاة والمذنبين فأهلك ابنه الوحيد من أجلهم.

ولكن الصحيح أن الإنسانية في ذلك الحين كانت تتكلم لسان واحد، ثم بدأ كل واحد من الأحفاد يرحل مع ذريته ويسكن بقعة من الأرض ومع تباعد المسافات والبلدان ومرور الأزمان طرأ على لسان كل قوم تغيرات تدريجية واضطرت كل أمة لاستحداث مسميات لما لم يكن موجودًا من قبل فبدأت لهجات للسان واحد ثم أخذت تتباعد حتى صارت لغات منها القريب من بعضه ومن اللغة الأم (يقال إنها السريانية) ومنها البعيد.

يؤكد ذلك أن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- الذي بينه وبين جده أرفخشذ بن عم مصرايم سبعة آباء، والذي يعد (أي إبراهيم) هو وجده الأكبر (أرفخشذ) جدا العرب جميعًا (العاربة والمستعربة)، قد نزل بأرض مصر وقد دار حوار بينه وبين ملك مصر وكذا بين زوجته سارة وبين ملكها، فهل يمكن أن يدور الحوار بينهم وهم لا يعرفون لغة بعضهم البعض، وإن افترضنا أنه كان بينهم ترجمان أو أنه كانت من عادة الملوك أن تعرف لغات غيرها من الشعوب أو أي شيء من هذا القبيل. فقد تزوج إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- من هاجر المصرية وهي جارية امرأته التي أهداها إليها فرعون مصر، فبأي لغة كانوا يتحاورون مع بعضهم البعض؟.

وثَمَّ أمرٌ آخر وهو المراد وهو أن هاجر المصرية التي من المفترض أنها لا تعرف العربية قد أسكنها زوجها برية فاران (مكة أو بكة) وقد نزلت عليها قبائل جرهم القحطانية العربية واستأذنتها أن تسكن معها تلك الأرض، فكيف دار الحوار الأول بينهم وهم لا يعرفون لغة بعضهم البعض؟. هذا مع العلم أن هاجر هذه هي أم للعرب كما كان يقول أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ.

وثَمَّ أمر ثالث لقد سافر إبراهيم عليه السلام لمكة؛ ليتفقد أحوال ابنه فلم يجده ووجد امرأة ابنه العربية فتكلم معها واشتكت له ضيق الحال والمعاش؛ فقال لها أن تخبر زوجها أن "يُغيِّر عتبة داره" . وبعد أن طلق إسماعيل عليه السلام زوجه وتزوج أخرى، عاد والده إبراهيم عليه السلام لزيارة ولده، فلم يجده ووجد امرأة ابنه الثانية العربية أيضًا؛ فحمدت لله الحال وأثنت عليه، فأمرها أن تخبر زوجها أن "يثبت عتبة داره" فأمسك زوجه. فعلى أي صورة كانوا يتحاورون ويفهم بعضهم بعضًا إن لم تكن تلك اللغات متقاربة من بعضها؟.

وإذا علمت أن مصرايم كان من أبنائه لهابيم (ليبيا ) الذي سكن في غرب الدلتا ومن أحفاده فلشتيم ( فلسطين) الذي أقام في غزة. إلى غير ذلك لمن تتبع الأنساب علمت أيضًا أن أهل تلك المنطقة هم أسرة واحدة تشعبت وتعدد أبناؤها.

وإذا أضفنا لما تقدم ما هو ثابت من كون تلك المناطق متقاربة ومتاخمة لبعضها جغرافياً، ومتفاعلة مع بعضها البعض ثقافياً وحضارياً وتجارياً واجتماعياً. تأكد تأصل الجذور المشتركة بين ألسن أهل تلك المنطقة مع بعضها البعض، وأن ما يقال عنه لغة "كنعان" و"مديان"، و"موءاب"، و"أدوم"، و"آرام" وغيرها ما هي إلا لهجات تتقارب فيما بينها تقارباً شديداً كما تتقارب لهجات القطر الواحد في يومنا هذا.

ثم مع طول العهد من ذلك الزمن وتأثر أهل مصر بما مر عليهم من أمم كالفرس وغيرهم، وغلبة اليونان على بلادهم لمدة ألف عام أو يزيد؛ وقعت تغيرات في اللسان المصري ولكنه احتفظ بأصوله حتى اليوم نعم حتى اليوم، فتآلف مع العربية الفصحى المشابهة له والتي لم تتغير كثيرًا عن عهدها الأول لبعد أهلها عن مخالطة غيرهم والتأثر بلسانهم. كما أن اللسان المصري حين تآخى مع الفصحى وضع عليها صبغته التي تميز لسانه فصارت لغته المحلية هي ما نسميه العامية.
وللتدليل على ما سبق فإليك ذلك المسلك العملي الذي يوضح مدى قرب المصرية القديمة من الفصحى وكذا احتفاظ المصرية بسماتها حتى اليوم في اللهجة العامية.

أولا من جهة التأثير الصوتي

المصريون القدماء كانوا لا ينطقون الأحرف التي تخرج من طرف اللسان مع أصول الثنايا العلى وهي (الظاء والذال والثاء). ولذا مازال المصريون المعاصرون حتى اليوم يبدلون هذه الأحرف إلى (ضاد ودال وتاء) على الترتيب فيقولون (ضلمة ضهر ، دهب دبانة، اتنين تلاته) وقس على ذلك.. تذكر هذه فسوف نشير إليها عند الكلام على أدوات الإشارة.

ونشير هنا إلى أن اللجنة التي شكلها البابا كيرلس؛ لإحياء اللغة القبطية قد تسببت في ظهور حرف الثاء وشبه اختفاء حرف الدال. وتلك هي أحد أسباب فشل مشروعات أحياء القبطية. وهي أيضًا دليل على اغتراب القبطية عن الأصول المصرية.

ثانيا: من هذا الباب أيضا إبدال الأحرف

مثل إبدال القاف لهمزة أو جيم فتقول: جال وجلب وأصب وقس عليه.وفي صعيد مصر توجد بعض المناطق التي تنطق الجيم دال (جرجا - دردا)، وهذا من تأثير بعض اللهجات المصرية.
وفي بعض مناطق الصعيد أيضًا تتحول السين إلى شين أو العكس ..(الشمس - السمس، شجرة - سجرة)، وهذا لأن حرفا السين والشين كانا يتبادلان ما بين اللهجتين الصعيدية والبحيرية وهما إحدى اللهجات المصرية.

هذا من جهة الصوتيات التي يمكن أن تعد غربية عن العربية، ولكن قبل أن نذكر الصوتيات المتشبهة مع العربية اذكر لك عزيزي القارئ طرفًا مما ذكره الفراء عن بعض القبائل العربية وما يعيبها من نطق لبعض ألفاظ الفصحى فيقول: "العنعنة في قيس وتميم تَجعل الهمزةَ المبدوءَ بها عيناً فيقولون في: (إنك عِنّكَ)، وفي (أسلم عسلم)، والكشكشة في ربيعة ومضر يَجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيناً فيقولون: (رأيتُكِش) ومررتُ (بكِش). والكسكسة فيهم أيضاً يجعلون بعد الكاف أو مكانها سيناً في المذكّر. والفحفحة في لغة هذيل يجعلون الحاء عيناً". ويقول أيضًا : ومن العرب من يجعل الكافَ جيماً كالجعْبة يريد الكعبة. أهـ نقلاً عن تاج العروس. والآن تأمل ما سبق ولنترك لك الحكم ؛ مع العلم أننا لانريد أن نقول أن العربية الفصحى والمصرية القديمة لغة واحدة ولكن نقول أنهما ذات أصول واحدة وأنهما قريبتين من بعضهما البعض.

ثالثا: تسهيل الهمزات

يقولون: أن العامية المصرية تختفي فيها بعض الهمزات أو تتحول إلى حرف "ي" وذلك لقلتها في القبطية (أي المصرية القديمة) مثل (دايم، عدرا، عبايه، ملاية، حداية، قوايم) وهذا صحيح ولكنه مستخدم ومعروف ومشهور في الفصحى ويعرف باسم تسهيل الهمزة، وهو أن تحول الهمزة المكسورة لـ "ي" والمضمومة لـ "و" مثل (مومنين) أو بالأحرى ترد إلى أصلها أن كانت ياء فياء وإن كانت واو فواو، ويعرف ذلك من له أدنى علاقة بعلم القراءات.

رابعًا: إقلاب النون الساكنة لـ ميم عند التقائها بالباء

يقولون أيضًا: وتتحول النون إلى ميم إذا جاء بعدها مباشرة حرف من الحروف الشفاهية (ب،م) وهذه قاعدة قبطية في تصريف أدوات النعت، والإضافة والمفعول به مثلاً: أمبوبه (أنبوبه)، كرمب (كرنب)، امبطح (انبطح)، أمبا (انبا)، الأمبياء (الأنبياء).وهذا كسابقه أيضًا ويعرف في قواعد تجويد القرآن باسم الإقلاب.

خامسا: الترخيم

ويقولون :أننا في العامية نقول: (ولا).. وهي كلمة قبطية قديمة معناها صبي أو ولد. وهذا أيضًا صحيح وهي تساوي كلمة ولد بعد حذف حرف الدال والدلالة عليه بمد الفتحة التي على حرف اللام فتصبح ألفًا، وهذا مستخدم في العربية الفصحى ومعروف باسم الترخيم وهو حذف آخر الكلمة تخفيفًا للتسهيل وقد يقتصرون على أحرف أو حروف من الكلمة التي يريدون النطق بها، ولا يفعلوا ذلك إلا بعد تقدم ما يدل عليه ويفيد معناه بحيث لا يلتبس على سامعه .

ويذكر ابن جرير الطبري أن هذا : "مستفيض ظاهر في كلام العرب أن ينقص المتكلم منهم من الكلمة الأحرف إذا كان فيما بقي دلالة على ما حذف منها ويزيد فيها ما ليس منها إذا لم تكن الزيادة ملبسة معناها على سامعها كحذفهم في النقص في الترخيم من حارث الثاء فيقولون: يا حار ومن مالك الكاف فيقولون: يا مال وما أشبه ذلك. (بالخير خيرات وإن شرا فا) يريد: فشرا.(ولا أريد الشر إلا أن تا) يريد: إلا أن تشاء فاكتفى بالتاء والفاء في الكلمتين جميعا من سائر حروفهما وما أشبه ذلك من الشواهد التي يطول الكتاب باستيعابه"أهـ.

وقس على ذلك سائر الألفاظ العامية الدالة على كلمة ولد مثل ( ياد، واد، آد).وكذلك كلمة "بص" بمعنى "بصر" وكذا كلمة "مو" بمعنى "ماء" فأصلها في العربية الفصحى "موه" وتصغيره "مُوَيْه" وجمعه "أمواه".

التراكيبسادسا: أسماء الإشارة

ويقولون: من تأثيرات اللغة القبطية على قواعد العامية المصرية التي نتكلم بها أنها لم تستخدم أسماء الإشارة المعروفة في العربية الفصحى (هذا، هذه، هذان، هذين، هاتان، هاتين، هؤلاء)، بل استخدمت (دا، دي، دول)، وهي أدوات إشارة قبطية ولا تأتى قبل الاسم (هذا الولد) بل بعده (الولا ده).

أقول :المتأمل لما سلف يجد أن أسماء الإشارة المنسوبة للمصرية القديمة والمستخدمة في العامية تكاد تكون هي هي في الفصحى؛ ففي العربية نجد أن اسم الإشارة هو (ذا، ذي ،ذو،.....الخ) والهاء هو حرف تنبيه، وإذا علمنا كما سبق أن المصريين ينطقون الذال دالا فتصبح (دا، دي، دول) راجع ما ذكرناه في أولاً.

سابعا: التثنية

تختفي صيغة المثنى في العامية المصرية، نظراً لعدم وجودها في المصرية القديمة. وهذا له نظائره في الفصحى أيضًا ولكنه غير مشهور ونادر الاستخدام.

ثامنا: الأسماء الموصولة

تستخدم العامية كلمة واحدة وهي (اللي).وهي تصلح لأي جنس وأي عدد؛ ولو قورن ذلك بالأسماء العربية الموصولة (الذي، التي، اللذان، اللذين، اللتان، اللتين، الذين، اللاتي، اللائي) وجدتها قريبة من لفظة الذي وتم حذف الذال لما مر في أولاً من عدم نطق المصريون لها وثقل النطق لها دالاً.
الضمائر
الضمائر الشخصية المنفصلة في اللغة المصرية القديمة هي (أنوك، انتوك، انتو، انتوف، انتوس، أنون، انتودان، انتوو) وفي العربية الفصحى (أنا، أنتَ، أنتِ، أنتما، أنتن، هو، هي، أنتم، انتن، نحن، هم، هن) ولك عزيزي القارئ أن تقرر بنفسك مدى التقارب والتباعد بينهما. وعلى كل فنحن نستخدم الضمائر في العامية هكذا (أنا، أنتَ، أنتِ، هو، هي، احنا، انتوا ، هما).

الاستفهام

تختفي أدوات الاستفهام مثل (هل) ويعاض عنها بتنغيم الكلمات وذلك لقلة استخدام صيغ الأسئلة في القبطية.وذلك أيضًا مستخدم في الفصحى ولكنه قليل نادر.

أدوات الأمر

توجد أداة أمر مستقاة من المصرية وهي (ما) التي تأتي قبل الفعل المبدوء بحرف (ت) وهي غير موجودة في اللغة العربية وأضيفت عليها في العامية المصرية مثلاً: ما تيجي ، ماتاكلوا، ما تقوم، ماتعدي، ما تشربي.

المفردات المتماثلة ذات الاستخدام المتماثل

أما من جهة الكلمات التي تقع في العامية ويعتبرونها ذات أصول مصرية قديمة، فبعد النظر غير العميق وأكرر غير العميق يجد الباحث أن لها أصولاً فصحى وأحيانا تكون هي هي ولها نفس الاستخدام في الفصحى فإن صح ما يوردونه من أمثلة تأكد لك ما نقوله من كون العربية الفصحى والمصرية القديمة لغتان متقاربتان وذاتا أصول واحدة. وإليك بعض الأمثلة:
1- بح تعني: خلاص خلص مافيش.قال في تاج العروس: وبَحْبَاحِ مَبنيَّةً على الكسر : كلمةٌ تُنِبِئُ عن نَفَادِ الشَّيْءِ وفَنَائِه " . قال اللِّحْيَانيّ : زَعَمَ الكسائيّ أَنه سَمع رَجلاً من بني عامرٍ يقول : إِذا قيلَ لنا : أَبقِيَ عندكم شيْءٌ ؟ قلنا : بَحْبَاحِ . أَي لم يَبْقَ . "2- (تاتا).. وتقال للأطفال الصغار في بداية المشي.في اللسان: والتَأْتاءُ مَشْيُ الصبيِّ الصغير3- يقولون «العتبة» ويعود أصلها إلى لفظة قبطية هي «أتبا» بمعنى «المقدمة، البداية، القمة».العَتَبَةُ أُسْكُفَّةُ البابِ التي تُوطأُ وقيل العَتَبَةُ العُلْيا والعَتَبُ الدَّرَج وعَتَّبَ عَتَبةً اتخذها وعَتَبُ الدَّرَجِ مَراقِيهاوأقول: العَتَبانُ عَرَجُ الرِّجْل والإِنسانُ إِذا وثَبَ برجل واحدة ورفع الأُخرى. وهذا تشبيه كأَنه يمشي على عَتَب دَرَج أَو جَبَل أَو حَزْنٍ وذلك لما فيه من صعوبة السير، فلعل من هنا أتت تلك الكلمة التي تقال للصغير حين يبدأ في تعلم المشي.(تاتا خطي العتبة).وأضيف أن قلب صوتية العين لـ (أ) هو من تأثير اليونانية على المصرية.4- (تابوت).. صندوق يوضع به الميتفي اللسان: التَّابُوتُ الأَضْلاعُ وما تَحْويه كالقَلْب والكَبِد وغيرهما تشبيهاً بالصُّنْدُوق الذي يُحْرَزُ فيه المَتاع. وقد وردت في الذكر الحكيم في سورة البقرة.5- يقولون: إن المصري يقول عن الصوت «حسّ» فيقول «حسي عالي» أو «حسها جميل»، والحس في اللغة المصرية القديمة هو الصوت والغناء.الحِسُّ والحَسِيسُ الصوتُ الخَفِيُّ قال اللَّه تعالى ﴿لا يَسْمَعُون حَسِيسَها﴾6- ضبه: الضبه والمفتاح، الضبه كلمة مصرية قديمة وتعنى نوع من أقفال كالترباس. أهـقال في اللسان: والضَّبَّةُ حديدةٌ عَريضةٌ يُضَبَّبُ بها البابُ والخَشَبُ والجمع ضِبابٌ قال أَبو منصور: يقال لها الضَّبَّةُ والكَتيفةُ لأَنها عَريضَة كهيئة خَلْقِ الضَّبِّ وسميت كَتيفة لأَنها عُرِّضَتْ على هيئة الكَتِفِ.7- يقولون : سك : شد ، (سك الباب) = شد البابوفي اللسان: سَكَّ الشيءَ يَسُكُّه سَكّاً فاسْتَكَّ سَدَّه فانسَدَّ وطريق سُكُّ ضَيِّق مُنْسَدّ عن اللحياني وبئر سَكٌّ وسُكُّ ضيقة الخرق ....... والسَّكُّ تَضْبِيبُك البابَ أَو الخشبَ بالحديد 8- يقولون: سكة : محراث أداة تستخدم في الزراعةوفي اللسان: وسِكَّةُ الحَرَّاثِ حديدةُ الفَدَّانِ، والسَّكَّة الحديدة التي يحرث بها الأرض.9- قشف : قشف، مشكلة بالجلد قبطية.في اللسان: القَشَفُ قَذَر الجلد قَشِفَ يَقْشَفُ قشفاً وتَقَشَّفَ لم يَتَعَهَّد الغَسْل.10- يقولون :(زير)كلمة مصرية يراد بها زير الماء.وفي اللسان: الزِّيرُ الدَّنُّ والجمع أَزْيارٌ وفي حديث الشافعي كنت أَكتب العلم وأُلقيه في زيرٍ لنا الزِّيرُ الحُبُّ الذي يعمل فيه الماء.11- انكُت: فى الريف يقال إنكُت العصايا دى فى الأرض يعنى إغرزها فى الأرض.انكوت = رقد، هامسكك أنكوتك هنا، مسكه نكتهفي اللسان: النَّكْتُ أَن تَنْكُتَ بقَضيبٍ في الأَرْضِ فتُؤَثِّرَ بطَرَفهِ فيها. ابن سيده النَّكْتُ قَرْعُكَ الأَرضَ بعُود أَو بإِصْبَع. وفي حديث أَبي هريرة ثم لأَنْكُتَنَّ بك الأَرض أَي أَطْرَحكَ على رأْسك.12- بشبش : يبلل ربنا يبشبش الطوبة اللي تحت راسه أي يبلها لتصير حانية على الميتالبَشّ اللطف في المسأَلة والإِقبالُ على الرجُل وقيل هو أَن يضحك له ويلقاه لقاء جميلاً والمعنيان مُقْتَرِبان. يقال لَقِيتُه فَتَبَشْبَشَ بي وأَصله تَبَشّشَ فأَبدلوا من الشين الوسطى باء.
وهناك مئات الأمثلة ولكننا اكتفينا بهذا خشية الإطالة ولكن هناك بعض اللطائف نذكرها في عجالة مثل كلمة (كخ) وهي كلمة تقال للصبي على سبيل الزجر فقد ورردت هي هي في الحديث الشريف، وكلمة (مِيت) وهي بمعنى طريق وهي لا تأتي مفردة في المصرية وإنما مضافة كأن تقول: ميت غمر وخلافه. وفي الفصحى لا تأتي إلا منسوبة للطريق وما في معناه فتقول: مِيتاءُ الطريقِ وهو ظاهره المسلوكُ. لفظة (أمبو) وهي تقال للصبي لتحفيزه على شرب الماء وهي في الحقيقة مشتقة من كلمة (مو) المصرية بمعنى ماء وفي الفصحى (موه) ولذا هي لا تأتي إلا لطلب تناول الماء فقط . ولايقصد بها تناول أي نوع آخر من الشراب. وكلمة (حتتك بتتك) وهي تقال لمن التهم الطعام فلم يبق منه شيء، والحت والبت يأتيان في الفصحى بمعنى الفراغ من الشيء والإزالة والقطع والانتهاء.هذا مع العلم أن هناك دراسة لأحمد فخري باشا المتوفي 1923م وهي عبارة عن معجم من 22 جزءً يقرر فيها التقارب الشديد بين العربية و المصرية القديمة وأن لهما أصول واحدة وأن هناك الكثير من الكلمات المشتركة ككثير من أسماء الأعضاء وغيرها ككلمة حنيفا و صوفي و غيرها موجودة في المصرية القديمة دون أدنى فرق بينها وبين الفصحى.
وإذا علمت أن الرحالة سترابون الذي عاش بين عامي 64 ق.م و21ب.م ذكر أن مدينة 'قفط' تكاد تكون نصف عربية إذ كان أهلها يتكلمون لغة العرب تبين أن العربية كانت تعد إحدى اللغات المحلية في مصر منذ القدم وتأكد لك أيضا ما أردنا التنبيه عليه من التقارب الشديد بين اللغتين وأن اللغة المحلية المصرية مازالت حية بين أبنائها وإن كان طرأ عليها بعض التطورات الطبيعية التي تطرأ على أي لغة نتيجة الاحتكاك بغيرها من الثقافات المختلفة وليست العربية فقط.
فإن كانت الدعوة للعودة إلى الجذور المصرية هو إيجاد المشترك بين أبناء الوطن الواحد فتلك هي الجذور التي مازالت تزهر وتثمر إلى اليوم.

أما إن كان الغرض هو بثَّ بذور الشقاق والفتنة كما حدث مع الموارنة حين دعاهم الفيلسوف الفرنسي رينان إلى اعتقاد أنهم فينيقيون وأنهم أرقى من العرب؛ فذلك هو الداء الذي يتجارى بأصحابه كما يتجارى الكلب بصاحبه، وهؤلاء لن تجدي معهم الكلمات، ولن تنفعهم المواعظ. فأمثالهم لا يهدئون إلا حين يرو النار قد التهمت الأخضر واليابس وأتت على كل شيء حمى الله
مصرنا وأهلها منهم ومن شرورهم.
--------------------منقول